Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المجادلة - الآية 3

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) (المجادلة) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا " اِخْتَلَفَ السَّلَف وَالْأَئِمَّة فِي الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى " ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا " فَقَالَ بَعْض النَّاس الْعَوْد هُوَ أَنْ يَعُود إِلَى لَفْظ الظِّهَار فَيُكَرِّرهُ وَهَذَا الْقَوْل بَاطِل وَهُوَ اِخْتِيَار اِبْن حَزْم وَقَوْل دَاوُد حَكَاهُ أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ عَنْ بُكَيْر بْن الْأَشَجّ وَالْفَرَّاء وَفِرْقَة مِنْ أَهْل الْكَلَام وَقَالَ الشَّافِعِيّ هُوَ أَنْ يُمْسِكهَا بَعْد الْمُظَاهَرَة زَمَانًا يُمْكِنهُ أَنْ يُطَلِّق فِيهِ فَلَا يُطَلِّق وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل هُوَ أَنْ يَعُود إِلَى الْجِمَاع أَوْ يَعْزِم عَلَيْهِ فَلَا تَحِلّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّر بِهَذِهِ الْكَفَّارَة وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ الْعَزْم عَلَى الْجِمَاع أَوْ الْإِمْسَاك عَنْهُ وَعَنْهُ أَنَّهُ الْجِمَاع وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة هُوَ أَنْ يَعُود إِلَى الظِّهَار بَعْد تَحْرِيمه وَرَفْع مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمْر الْجَاهِلِيَّة فَمَتَى ظَاهَرَ الرَّجُل مِنْ اِمْرَأَته فَقَدْ حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا لَا يَرْفَعهُ إِلَّا الْكَفَّارَة . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْحَابه وَاللَّيْث بْن سَعْد وَقَالَ اِبْن لَهِيعَة حَدَّثَنِي عَطَاء عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر " ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا " يَعْنِي يُرِيدُونَ أَنْ يَعُودُوا فِي الْجِمَاع الَّذِي حَرَّمُوهُ عَلَى أَنْفُسهمْ وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَعْنِي الْغَشَيَان فِي الْفَرْج وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَغْشَى فِيمَا دُون الْفَرْج قَبْل أَنْ يُكَفِّر وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا " وَالْمَسّ النِّكَاح وَكَذَا قَالَ عَطَاء وَالزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَقَالَ الزُّهْرِيّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَبِّلهَا وَلَا يَمَسّهَا حَتَّى يُكَفِّر . وَقَدْ رَوَى أَهْل السُّنَن مِنْ حَدِيث عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه إِنِّي ظَاهَرْت مِنْ اِمْرَأَتِي فَوَقَعْت عَلَيْهَا قَبْل أَنْ أُكَفِّر فَقَالَ " مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمك اللَّه" قَالَ رَأَيْت خَلْخَالهَا فِي ضَوْء الْقَمَر قَالَ " فَلَا تَقْرَبهَا حَتَّى تَفْعَل مَا أَمَرَك اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن غَرِيب صَحِيح . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث عِكْرِمَة مُرْسَلًا قَالَ النَّسَائِيّ وَهُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ. وَقَوْله تَعَالَى " فَتَحْرِير رَقَبَة " أَيْ فَإِعْتَاق رَقَبَة كَامِلَة مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا فَهَاهُنَا الرَّقَبَة مُطْلَقَة غَيْر مُقَيَّدَة بِالْإِيمَانِ وَفِي كَفَّارَة الْقَتْل مُقَيَّدَة بِالْإِيمَانِ فَحَمَلَ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه مَا أُطْلِق هَهُنَا عَلَى مَا قُيِّدَ هُنَاكَ لِاتِّحَادِ الْمُوجِب وَهُوَ عِتْق الرَّقَبَة وَاعْتَضَدَ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَنْ مَالِك بِسَنَدِهِ عَنْ مُعَاوِيَة بْن الْحَكَم السُّلَمِيّ فِي قِصَّة الْجَارِيَة السَّوْدَاء وَأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَة " وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَد فِي مُسْنَده وَمُسْلِم فِي صَحِيحه . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار حَدَّثَنَا يُوسُف بْن مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر عَنْ إِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم بْن يَسَار عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ طَاوُس عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أَتَى رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّي ظَاهَرْت مِنْ اِمْرَأَتِي ثُمَّ وَقَعْت عَلَيْهَا قَبْل أَنْ أُكَفِّر فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَلَمْ يَقُلْ اللَّه تَعَالَى " مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا " قَالَ أَعْجَبَتْنِي قَالَ " أَمْسِكْ حَتَّى تُكَفِّر " ثُمَّ قَالَ الْبَزَّار لَا يُرْوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس بِأَحْسَن مِنْ هَذَا وَإِسْمَاعِيل بْن مُسْلِم تَكَلَّمَ فِيهِ وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَة كَثِيرَة مِنْ أَهْل الْعِلْم وَفِيهِ مِنْ الْفِقْه أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرهُ إِلَّا بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَة . وَقَوْله تَعَالَى " ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ" أَيْ تَزْجُرُونَ بِهِ " وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير " أَيْ خَبِير بِمَا يُصْلِحكُمْ عَلِيم بِأَحْوَالِكُمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك

    قال المؤلف - أثابه الله - « فإن كتاب منحة السلوك في شرح تحفة الملوك للإمام بدر الدين أبي محمد محمود العيني - رحمه الله -، شرح فيه المتن الموسوم بتحفة الملوك لزين الدين أبي بكر الرازي، والذي تسابق إليه طلبة العلم في عصره بالحفظ والمدارسة، وقد اتسم شرحه بحل ألفاظ المتن، وتفصيل مسائله ومقارنتها بالمذاهب الأخرى في كثير من المواضع معلاً ومستدلاً لها بأكثر من ستمائة حديث وأثر. ولأهمية الكتاب جعلت عليه حاشية وافية سميتها المسبوك على منحة السلوك في شرح تحفة الملوك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/203877

    التحميل:

  • حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية

    حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية : كتاب طبع عام 1410هـ قدمه بمقدمة طرح فيها سؤالاً ملحاً عن الجماعات الإسلامية وشرعيتها وحكم الانتماء إليها. هل هي مرفوضة سنداً ومتناً؟ وأنها امتداد للفرق والطوائف التي انشقت عن جماعة المسلمين؟ وقد وضع بين يدي الجواب تمهيداً في سبعة مباحث: الأول: الحزبية في العرب قبيل الإسلام. الثاني: هدي الإسلام أمام هذه الحزبيات. الثالث: لا حزبية في صدر الإسلام وتاريخ ظهورها بعده. الرابع: انشقاق الفرق عن جماعة المسلمين. الخامس: منازل الفرق والمذاهب من جماعة المسلمين. السادس: تساقطها أمام جماعة المسلمين. السابع: جماعة المسلمين أمام المواجهات. ثم شرع في ذكر الجواب بذكر تسعة عشر أصلاً شرعياً ثم تكلم عن مضار الأحزاب وأثارها على جماعة المسلمين فذكر أربعين أثراً ثم خلص إلى المنع من تحزب أي فرقة أو جماعة تحت مظلة الإسلام. وفي ختام الكتاب خلاصة لأبحاث الكتاب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/79744

    التحميل:

  • الأسباب التي يعتصم بها العبد من الشيطان

    الأسباب التي يعتصم بها العبد من الشيطان : فقد جمعت في هذه الرسالة ما أمكن جمعه من الأسباب التي يعتصم بها العبد من الشيطان، وبيان مظاهر عداوته، وبيان مداخله التي منها الغضب والشهوة والعجلة وترك التثبت في الأمور وسوء الظن بالمسلمين والتكاسل عن الطاعات وارتكاب المحرمات.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209170

    التحميل:

  • حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول

    حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول : قال المصنف - حفظه الله -: « فإن رسالة ثلاثة الأصول وأدلتها للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - رسالة موجزة جامعة في موضوع توحيد الربوبية والألوهية والولاء والبراء وغير ذلك من المسائل المتعلقة بعلم التوحيد، الذي هو من أشرف العلوم وأجلها قدرًا، كتبها الشيخ رحمه الله مقرونة بالدليل بأسلوب سهل ميسر لكل قارئ؛ فأقبل الناس عليها حفظًا وتدريسًا؛ لأنها كتبت بقلم عالم جليل من علماء الإسلام نهج منهج السلف الصالح داعيًا إلى التوحيد ونبذ البدع والخرافات وتنقية الإسلام مما علق به من أوهام، ويظهر ذلك جليًّا في معظم مؤلفات الشيخ ورسائله، فجاءت هذه الرسالة خلاصة وافية لمباحث مهمة لا يستغني عنها المسلم ليبني دينه على أُسس وقواعد صحيحة؛ ليجني ثمرات ذلك سعادة في الدنيا وفلاحًا في الدار الآخرة. لذا رأيت أن أكتب عليها شرحًا متوسطاً في تفسير آياتها وشرح أحاديثها وتوضيح مسائلها إسهامًا في تسهيل الاستفادة منها، والتشجيع على حفظها وفهمها بعد أن قمت بشرحها للطلبة في المسجد بحمد الله تعالى، وسميته: حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2383

    التحميل:

  • الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة

    الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة : كتاب مختصر نافع في رجال الكتب الستة: الصحيحين، والسنن الأربعة، مقتضب من كتاب تهذيب الكمال للشيخ الحافظ ابي الحجاج المزي، اقتصر فيه المؤلف على ذكر من له رواية في الكتب الستة، دون باقي التواليف التي في التهذيب أو من ذكر للتمييز، أو كرر للتنبيه.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141379

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة