Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المائدة - الآية 29

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) (المائدة) mp3
وَقَوْله " إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِإِثْمِي وَإِثْمك فَتَكُون مِنْ أَصْحَاب النَّار وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ " قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ فِي قَوْله " إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِإِثْمِي وَإِثْمك " أَيْ بِإِثْمِ قَتْلِي وَإِثْمك الَّذِي عَلَيْك قَبْل ذَلِكَ قَالَهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ آخَرُونَ : يَعْنِي بِذَلِكَ إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِخَطِيئَتِي فَتَتَحَمَّل وِزْرهَا وَإِثْمك فِي قَتْلك إِيَّايَ وَهَذَا قَوْل وَجَدْته عَنْ مُجَاهِد وَأَخْشَى أَنْ يَكُون غَلَطًا لِأَنَّ الصَّحِيح مِنْ الرِّوَايَة عَنْهُ خِلَافه يَعْنِي مَا رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ مَنْصُور عَنْ مُجَاهِد " إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِإِثْمِي " قَالَ بِقَتْلِك إِيَّايَ " وَإِثْمك" قَالَ بِمَا كَانَ مِنْك قَبْل ذَلِكَ وَكَذَا رَوَاهُ عِيسَى بْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد بِمِثْلِهِ وَرَوَى شِبْل عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد " إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِإِثْمِي وَإِثْمك" يَقُول إِنِّي أُرِيد أَنْ يَكُون عَلَيْك خَطِيئَتِي وَدَمِي فَتَبُوء بِهِمَا جَمِيعًا " قُلْت " وَقَدْ يَتَوَهَّم كَثِير مِنْ النَّاس هَذَا الْقَوْل وَيَذْكُرُونَ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا لَا أَصْل لَهُ " مَا تَرَكَ الْقَاتِل عَلَى الْمَقْتُول مِنْ ذَنْب " وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار حَدِيثًا يُشْبِه هَذَا وَلَكِنْ لَيْسَ بِهِ فَقَالَ حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ حَدَّثَنَا عَامِر بْن إِبْرَاهِيم الْأَصْبَهَانِيّ حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن عَبْد اللَّه حَدَّثَنَا عُتْبَة بْن سَعِيد عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَتْل الصَّبْر لَا يَمُرّ بِذَنْبٍ إِلَّا مَحَاهُ " وَهَذَا بِهَذَا لَا يَصِحّ وَلَوْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه يُكَفِّر عَنْ الْمَقْتُول بِأَلَمِ الْقَتْل ذُنُوبَهُ فَأَمَّا أَنْ تُحْمَل عَلَى الْقَاتِل فَلَا وَلَكِنْ قَدْ يَتَّفِق هَذَا فِي بَعْض الْأَشْخَاص وَهُوَ الْغَالِب فَإِنَّ الْمَقْتُول يُطَالِب الْقَاتِل فِي الْعَرَصَات فَيُؤْخَذ لَهُ مِنْ حَسَنَاته بِقَدْرِ مَظْلِمَته فَإِنْ نَفِدَتْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ حَقَّهُ أَخَذَ مِنْ سَيِّئَات الْمَقْتُول فَطُرِحَتْ عَلَى الْقَاتِل فَرُبَّمَا لَا يَبْقَى عَلَى الْمَقْتُول خَطِيئَة إِلَّا وُضِعَتْ عَلَى الْقَاتِل وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيث بِذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَظَالِم كُلّهَا وَالْقَتْل مِنْ أَعْظَمِهَا وَأَشَدِّهَا وَاَللَّه أَعْلَمُ . وَأَمَّا اِبْن جَرِير فَقَالَ وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال إِنَّ تَأْوِيله أَنِّي أُرِيد أَنْ تَنْصَرِف بِخَطِيئَتِك فِي قَتْلك إِيَّايَ وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْله" إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِإِثْمِي " وَأَمَّا مَعْنَى وَإِثْمك فَهُوَ إِثْمه يَعْنِي قَتْله وَذَلِكَ مَعْصِيَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي إِعْمَال سِوَاهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ هُوَ الصَّوَاب لِإِجْمَاعِ أَهْل التَّأْوِيل عَلَيْهِ وَأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا أَنَّ كُلّ عَامِل فَجَزَاء عَمَله لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمه فِي خَلْقه فَغَيْر جَائِز أَنْ تَكُون آثَام الْمَقْتُول مَأْخُوذًا بِهَا الْقَاتِلُ وَإِنَّمَا يُؤْخَذ الْقَاتِل بِإِثْمِهِ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّم وَسَائِر آثَام مَعَاصِيه الَّتِي اِرْتَكَبَهَا بِنَفْسِهِ دُون مَا اِرْتَكَبَهُ قَتِيلُهُ هَذَا لَفْظه ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى هَذَا سُؤَالًا حَاصِله كَيْف أَرَادَ هَابِيل أَنْ يَكُون عَلَى أَخِيهِ قَابِيل إِثْم قَتْله وَإِثْم نَفْسه مَعَ أَنَّ قَتْله لَهُ مُحَرَّم ؟ وَأَجَابَ بِمَا حَاصِله أَنَّ هَابِيل أَخْبَرَ عَنْ نَفْسه بِأَنَّهُ لَا يُقَاتِل أَخَاهُ إِنْ قَاتَلَهُ بَلْ يَكُفّ عَنْهُ يَده طَالِبًا إِنْ وَقَعَ قَتْلٌ أَنْ يَكُون مِنْ أَخِيهِ لَا مِنْهُ قُلْت وَهَذَا الْكَلَام مُتَضَمِّنٌ مَوْعِظَةً لَهُ لَوْ اِتَّعَظَ وَزَجْرٌ لَهُ لَوْ اِنْزَجَرَ وَلِهَذَا قَالَ " إِنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء بِإِثْمِي وَإِثْمك " أَيْ تَتَحَمَّل إِثْمِي وَإِثْمك " فَتَكُون مِنْ أَصْحَاب النَّار وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ " وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : خَوَّفَهُ بِالنَّارِ فَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يَنْزَجِر .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الصلاة وأسرارها النفسية بالمفاهيم السلوكية المعاصرة

    الصلاة وأسرارها النفسية بالمفاهيم السلوكية المعاصرة: كل من تحدَّث عن الصلاة أحسنَ وأجادَ؛ فتحدَّث الفُقهاءُ بمفاهيم التشريع والإيمان، وتحدَّث المُتصوِّفة بمفاهيم الروح وصفاء النفس، وتحدَّث الأطباء المسلمون عن أسرار الصلاة بمفاهيم الجسم والحركة، وهذا ما سوف نُفصِّلها في الفصل الأول من هذا الكتاب في الحديث عن حركات الصلاة. ويبقى الجانب النفسي بمفاهيم النفس المعاصرة شاغرًا لم يتطرَّق إليه أحد، إلا في إشارات تُحقِّقُ المفهوم دون أن تسبُر أغواره أو تُحدِّدَ أبعاده، وهذا ما يُحاولُ الكتابَ أن يصِلَ إلى بعض حقائقه.

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381058

    التحميل:

  • قصة كاملة لم يؤلفها بشر

    قصة كاملة لم يؤلفها بشر : في هذه الرسالة واقعة أغرب من القصص، ما ألفها أديب قصصي، ولا عمل فيها خيال روائي، بل ألَّفَتْها الحياة، فجاءت بأحداثها ومصادفاتها، وبداياتها وخواتيمها، أبلغ مما ألف القصاص من الأدباء.

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265570

    التحميل:

  • الكافي في فقه أهل المدينة

    الكافي في فقه أهل المدينة : كتاب مختصر في الفقه يجمع المسائل التي هي أصول وأمهات لما يبنى عليها من الفروع والبينات في فوائد الأحكام ومعرفة الحلال والحرم مختصراً ومبوباً، يكفي عن المؤلفات الطوال، ويقوم مقام الذاكرة عند عدم المدارسة، واعتمد على علم أهل المدينة، سالكاً فيه مسلك مذهب الإمام مالك بن أنس، معتمداً على ما صح من كتب المالكيين ومذهب المدنيين، مقتصراً على الأصح علماً والأوثق فعلاً وهي الموطأ والمدونة وكتاب ابن عبد الحكم والمبسوطة لإسماعيل القاضي والحاوي لأبي الفرج، ومختصر أبي مصعب، وموطأ ابن وهب. وفي من كتاب ابن الحواز، ومختصر الوقار، ومن القبة، والواضحة، أيضاً ما ارتآه المؤلف مناسباً في موضوعه.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141375

    التحميل:

  • أسباب الرحمة

    أسباب الرحمة : فقد تنوعت رحمة الله بعبده في جميع المجالات من حين كونه نطفة في بطن أمه وحتى يموت بل حتى يدخل الجنة أو النار، ولما كانت رحمة الله تعالى بخلقه بهذه المنزلة العالية رأيت أن أجمع فيها رسالة لأذكر إخواني المسلمين برحمة الله المتنوعة ليحمدوه عليها ويشكروه فيزيدهم من فضله وكرمه وإحسانه فذكرت ما تيسر من أسباب رحمة الله المتنوعة بخلقه بأدلتها من الكتاب العزيز والسنة المطهرة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208991

    التحميل:

  • العشق [ حقيقته .. خطره .. أسبابه .. علاجه ]

    فإن العشق مسلكٌ خَطِر، وموْطِئٌ زَلِقٌ، وبَحْرٌ لُجِّيٌّ، وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال. هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق علينا - إذاً - أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172681

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة