Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة التوبة - الآية 111

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) (التوبة) mp3
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّهُ عَاوَضَ مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَنْفُسهمْ وَأَمْوَالهمْ إِذْ بَذَلُوهَا فِي سَبِيله بِالْجَنَّةِ وَهَذَا مِنْ فَضْله وَكَرْمه وَإِحْسَانه فَإِنَّهُ قَبِلَ الْعِوَض عَمَّا يَمْلِكهُ بِمَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَى عَبِيده الْمُطِيعِينَ لَهُ . وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَقَتَادَة : بَايَعَهُمْ وَاَللَّه فَأَغْلَى ثَمَنهمْ . وَقَالَ شِمْر بْن عَطِيَّة مَا مِنْ مُسْلِم إِلَّا وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عُنُقه بَيْعَة وَفَّى بِهَا أَوْ مَاتَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَة . وَلِهَذَا يُقَال مَنْ حَمَلَ فِي سَبِيل اللَّه بَايَعَ اللَّه أَيْ قَبْل هَذَا الْعَقْد وَوَفَّى بِهِ . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَغَيْره قَالَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لَيْلَة الْعَقَبَة اِشْتَرِطْ لِرَبِّك وَلِنَفْسِك مَا شِئْت فَقَالَ " أَشْتَرِط لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَشْتَرِط لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسكُمْ وَأَمْوَالكُمْ " قَالُوا : فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ ؟ قَالَ " الْجَنَّة " قَالُوا رَبِحَ الْبَيْع لَا نُقِيل وَلَا نَسْتَقِيل فَنَزَلَتْ " إِنَّ اللَّه اِشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسهمْ " الْآيَة وَقَوْله " يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ " أَيْ سَوَاء قَتَلُوا أَوْ قُتِلُوا أَوْ اِجْتَمَعَ لَهُمْ هَذَا وَهَذَا فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُمْ الْجَنَّة . وَلِهَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ " وَتَكَفَّلَ اللَّه لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيله لَا يُخْرِجهُ إِلَّا جِهَاد فِي سَبِيلِي وَتَصْدِيق بِرُسُلِي بِأَنْ تَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلهُ الْجَنَّة أَوْ يُرْجِعهُ إِلَى مَنْزِله الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْر أَوْ غَنِيمَة " وَقَوْله " وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن " تَأْكِيد لِهَذَا الْوَعْد وَإِخْبَار بِأَنَّهُ قَدْ كَتَبَهُ عَلَى نَفْسه الْكَرِيمَة وَأَنْزَلَهُ عَلَى رُسُله فِي كُتُبه الْكِبَار وَهِيَ التَّوْرَاة الْمُنَزَّلَة عَلَى مُوسَى وَالْإِنْجِيل الْمُنَزَّل عَلَى عِيسَى وَالْقُرْآن الْمُنَزَّل عَلَى مُحَمَّد صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَوْله " وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّه " فَإِنَّهُ لَا يُخْلِف الْمِيعَاد . هَذَا كَقَوْلِهِ " وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه حَدِيثًا " وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه قِيلًا " وَلِهَذَا قَالَ " فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم " أَيْ فَلِيَسْتَبْشِر مَنْ قَامَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْعَقْد وَوَفَّى بِهَذَا الْعَهْد بِالْفَوْزِ الْعَظِيم وَالنَّعِيم الْمُقِيم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تاريخ القرآن الكريم

    تاريخ القرآن الكريم: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «فإن المُصنِّفين لتاريخ القرآن - جزاهم الله خيرًا - قد أسهَموا بقدرٍ من الكتابةِ عن هذا التراثِ الجليلِ وفقًا لأهداف مُعيَّنة لدى كلِّ واحدٍ منهم. وقد رأيتُ أن أُسهِم بقدرِ ما أستطيعُ في تجلِيَةِ بعضِ جوانب هذه القضايا، استِكمالاً لما قدَّمه السابِقون. فالمُصنَّفات ما هي إلا حلقات متصلة يُكمل بعضُها بعضًا، فقمتُ بإعداد هذا الكتاب، وسأجعلهُ - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فُصولٍ: الفصل الأول: عن تنزيل القرآن. الفصل الثاني: عن تقسيمات القرآن. الفصل الثالث: عن كتابةِ القرآن».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن http://www.mehesen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/384398

    التحميل:

  • نور الإيمان وظلمات النفاق في ضوء الكتاب والسنة

    نور الإيمان وظلمات النفاق: يحتوي هذا الكتاب على العناصر الآتية: - المبحث الأول: نور الإِيمان: المطلب الأول: مفهوم الإيمان. المطلب الثاني: طرق تحصيل الإيمان وزيادته. المطلب الثالث: ثمرات الإيمان وفوائده. المطلب الرابع: شعب الإيمان. المطلب الخامس: صفات المؤمنين. - المبحث الثاني: ظلمات النفاق: المطلب الأول: مفهوم النفاق. المطلب الثاني: أنواع النفاق. المطلب الثالث: صفات المنافقين. المطلب الرابع: أضرار النفاق وآثاره.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193645

    التحميل:

  • إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين

    إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين: رسالةلطيفة عبارة عن ثلاث رسائل مجموعة: الأولى: في حكم الاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. والثانية: في حكم الاستغاثة بالجن والشياطين والنذر لهم. والثالثة: في حكم التعبد بالأوراد البدعية والشركية.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2130

    التحميل:

  • مفسدات القلوب [ الترف ]

    الترف مفسد للمجتمعات; وموهن للطاقات; ومبدد للأوقات; فهو داء مفجع; ومرض مقلق; ولذا كان لزاماً علينا تناول هذا الموضوع بوضوح; وتجليته للناس; وذلك ببيان حقيقة الترف; وصوره المعاصرة; وبعضاً من أسبابه; وآثاراه على الفرد والمجتمع والأمة; ثم بيان وسائل وطرق معالجة المجتمعات التي استشرى فيها هذا الداء.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/340012

    التحميل:

  • مبحث الاجتهاد والخلاف

    فهذه رسالة في مبحث الاجتهاد والخلاف للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - وهي منقولة باختصار من كتاب أعلام الموقعين للعلامة ابن القيم - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264149

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة