Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة فاطر - الآية 41

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) (فاطر) mp3
ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ قُدْرَته الْعَظِيمَة الَّتِي بِهَا تَقُوم السَّمَاء وَالْأَرْض عَنْ أَمْره وَمَا جَعَلَ فِيهِمَا مِنْ الْقُوَّة الْمَاسِكَة لَهُمَا فَقَالَ " إِنَّ اللَّه يُمْسِك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا " أَيْ أَنْ تَضْطَرِبَا عَنْ أَمَاكِنهمَا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " وَيُمْسِك السَّمَاء أَنْ تَقَع عَلَى الْأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ " وَقَالَ تَعَالَى : " وَمِنْ آيَاته أَنْ تَقُوم السَّمَاء وَالْأَرْض بِأَمْرِهِ " " وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِنْ بَعْده " أَيْ لَا يَقْدِر عَلَى دَوَامهمَا وَإِبْقَائِهِمَا إِلَّا هُوَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ حَلِيم غَفُور أَنْ يَرَى عِبَاده وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِهِ وَيَعْصُونَهُ وَهُوَ يَحْلُم فَيُؤَخِّر وَيُنْظِر وَيُؤَجِّل وَلَا يُعَجِّل وَيَسْتُر آخَرِينَ وَيَغْفِر وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" . وَقَدْ أَوْرَدَ اِبْن أَبَى حَاتِم هَهُنَا حَدِيثًا غَرِيبًا بَلْ مُنْكَرًا فَقَالَ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم حَدَّثَنِي هِشَام بْن يُوسُف عَنْ أُمَيَّة بْن سَهْل عَنْ الْحَكَم بْن أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَى الْمِنْبَر قَالَ : " وَقَعَ فِي نَفْس مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام هَلْ يَنَام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَأَرْسَلَ اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ مَلَكًا فَأَرَّقَهُ ثَلَاثًا وَأَعْطَاهُ قَارُورَتَيْنِ فِي كُلّ يَد قَارُورَة وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْتَفِظ بِهِمَا قَالَ فَجَعَلَ يَنَام وَتَكَاد يَدَاهُ تَلْتَقِيَانِ ثُمَّ يَسْتَيْقِظ فَيَجْلِس إِحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى حَتَّى نَامَ نَوْمَه فَاصْطَفَقَتْ يَدَاهُ فَانْكَسَرَتْ الْقَارُورَتَانِ قَالَ ضَرَبَ اللَّه لَهُ مَثَلًا أَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَوْ كَانَ يَنَام لَمْ تَسْتَمْسِك السَّمَاء وَالْأَرْض " وَالظَّاهِر أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ بَلْ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات الْمُنْكَرَة فَإِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَجَلّ مِنْ أَنْ يُجَوِّز عَلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى النَّوْم وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابه الْعَزِيز بِأَنَّهُ " الْحَيّ الْقَيُّوم لَا تَأْخُذهُ سِنَة وَلَا نَوْم لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يَنَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَام يَخْفِض الْقِسْط وَيَرْفَعهُ وَيَرْفَع إِلَيْهِ عَمَل اللَّيْل قَبْل النَّهَار وَعَمَل النَّهَار قَبْل اللَّيْل حِجَابه النُّور أَوْ النَّار لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سَبَحَات وَجْهه مَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ بَصَره مِنْ خَلْقه " وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي وَائِل قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عَبْد اللَّه هُوَ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ جِئْت ؟ قَالَ مِنْ الشَّام قَالَ مَنْ لَقِيت ؟ قَالَ لَقِيت كَعْبًا قَالَ مَا حَدَّثَك ؟ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَّ السَّمَاوَات تَدُور عَلَى مَنْكِب مَلَك قَالَ أَفَصَدَّقْته أَوْ كَذَّبْته ؟ قَالَ مَا صَدَّقْته وَلَا كَذَّبْته قَالَ لَوَدِدْت أَنَّك اِفْتَدَيْت مِنْ رِحْلَتك إِلَيْهِ بِرَاحِلَتِك وَرَحْلهَا كَذَبَ كَعْب إِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول " إِنَّ اللَّه يُمْسِك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِنْ بَعْده " وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح إِلَى كَعْب وَإِلَى اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ثُمَّ رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ اِبْن حُمَيْد عَنْ جَرِير عَنْ مُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم قَالَ ذَهَبَ جُنْدُب الْبَجَلِيّ إِلَى كَعْب بِالشَّامِ فَذَكَرَ نَحْوه. وَقَدْ رَأَيْت فِي مُصَنَّف لِلْفَقِيهِ يَحْيَى بْن إِبْرَاهِيم بْن مزين الطُّلَيْطِلِيّ سَمَّاهُ - سِيَر الْفُقَهَاء - أَوْرَدَ هَذَا الْأَثَر عَنْ مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن الطَّبَّاع عَنْ وَكِيع عَنْ الْأَعْمَش بِهِ ثُمَّ قَالَ وَأَخْبَرَنَا زُونَان يَعْنِي عَبْد الْمَلِك بْن الْحُسَيْن عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ مَالِك أَنَّهُ قَالَ السَّمَاء لَا تَدُور وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَة وَبِحَدِيثِ " إِنَّ بِالْمَغْرِبِ بَابًا لِلتَّوْبَةِ لَا يَزَال مَفْتُوحًا حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس مِنْهُ " قُلْت وَهَذَا الْحَدِيث فِي الصَّحِيح وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • خصائص القرآن الكريم

    خصائص القرآن الكريم: قال المصنف - حفظه الله -: «وقد ذاكرتُ يومًا خصائص القرآن الكريم فتاقت نفسي إلى كتاب يدرسها، أو مقال يجمعها، فما وجدتُ على كثرة المؤلفات في علوم القرآن شيئًا من ذلك، كنتُ أحسبُ أن المؤلفات فيه كثيرة والدراسات المُستفيضة، فأعدتُ النظر وقلَّبتُ الفكر بين مخطوط ومطبوع، فما وجدتُ إلا مُختصِرًا مُقتصِرًا، أو مُخرِّفًا مُشعوِذًا. فحاولتُ أن أجمع هنا - ما استطعتُ - من خصائص القرآن مُعرًِّا بإيجازٍ لكل واحدةٍ منها، مُبتعِدًا عن خرافات المُخرِّفين وبدع المُبتدعِين، مُستنِدًا إلى الكتاب والسنة، وما أقرَّ به أرباب اللغة وفصحاؤها مُذعنين، وأرباب العلوم والمعارف مُعترفين».

    الناشر: مكتبة العبيكان للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364120

    التحميل:

  • من بُشر بالجنة من غير العشرة

    من بُشر بالجنة من غير العشرة: في هذا الكتاب ذكر كل من بُشِّر بالجنة غير العشرة المشهورين في بشارة خاصة في حديثٍ صحيحٍ أو حسنٍ.

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339660

    التحميل:

  • العلامة الشرعية لبداية الطواف ونهايته

    العلامة الشرعية لبداية الطواف ونهايته : كتيب في 36 صفحة طبع 1419هـ قرر فيه أن الخط الموضوع كعلامة لبداية الطواف محدث ويجب إزالته.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/169190

    التحميل:

  • تمام الآلاء في سيرة سيد الشهداء

    تمام الآلاء في سيرة سيد الشهداء: إن الأمة الإسلامية اليوم وهي تمر بأشد حالاتها من الضعف والمحاربة من أعداء الله تعالى لهي في أمس الحاجة إلى استلهام القدوة والسير على خطى أولئك الأوائل من المؤمنين الصادقين من أمثال سيد الشهداء، حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

    الناشر: مركز البحوث في مبرة الآل والأصحاب http://www.almabarrah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/59957

    التحميل:

  • التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية

    العقيدة الواسطية : رسالة نفيسة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر فيها جمهور مسائل أصول الدين، ومنهج أهل السنة والجماعة في مصادر التلقي التي يعتمدون عليها في العقائد؛ لذا احتلت مكانة كبيرة بين علماء أهل السنة وطلبة العلم، لما لها من مميزات عدة من حيث اختصار ألفاظها ودقة معانيها وسهولة أسلوبها، وأيضاً ما تميزت به من جمع أدلة أصول الدين العقلية والنقلية؛ لذلك حرص العلماء وطلبة العلم على شرحها وبيان معانيها، ومن هذه الشروح شرح فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله -. ملحوظة: الكتاب نسخة مصورة من إصدار دار الوطن للنشر بالمملكة العربية السعودية.

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/311361

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة