Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 245

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) (البقرة) mp3
وَقَوْله " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة " يَحُثّ تَعَالَى عِبَاده عَلَى الْإِنْفَاق فِي سَبِيل اللَّه وَقَدْ كَرَّرَ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَة فِي كِتَابه الْعَزِيز فِي غَيْر مَوْضِع وَفِي حَدِيث النُّزُول أَنَّهُ يَقُول تَعَالَى مَنْ يُقْرِض غَيْر عَدِيم وَلَا ظَلُوم وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة حَدَّثَنَا خَلَف بْن خَلِيفَة عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَج عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ " قَالَ أَبُو الدَّحْدَاح الْأَنْصَارِيّ : يَا رَسُول اللَّه وَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَيُرِيد مِنَّا الْقَرْض ؟ قَالَ : " نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاح" قَالَ أَرِنِي يَدك يَا رَسُول اللَّه قَالَ فَنَاوَلَهُ يَده قَالَ : فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ حَائِطِي قَالَ وَحَائِط لَهُ فِيهِ سِتّمِائَةِ نَخْلَة وَأُمّ الدَّحْدَاح فِيهِ وَعِيَالهَا قَالَ فَجَاءَ أَبُو الدَّحْدَاح فَنَادَاهَا يَا أَمّ الدَّحْدَاح قَالَتْ لَبَّيْكَ قَالَ : اُخْرُجِي فَقَدْ أَقْرَضْته رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ وَقَوْله " قَرْضًا حَسَنًا " رُوِيَ عَنْ عُمَر وَغَيْره مِنْ السَّلَف هُوَ النَّفَقَة فِي سَبِيل اللَّه وَقِيلَ هُوَ النَّفَقَة عَلَى الْعِيَال وَقِيلَ هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس وَقَوْله " فَيُضَاعِفهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة " كَمَا قَالَ تَعَالَى" مَثَل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ فِي سَبِيل اللَّه كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْع سَنَابِل فِي كُلّ سُنْبُلَة مِائَة حَبَّة وَاَللَّه يُضَاعِف لِمَنْ يَشَاء " الْآيَة وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهَا وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا يَزِيد أَخْبَرَنَا مُبَارَك بْن فَضْلَة عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ : أَتَيْت أَبَا هُرَيْرَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - فَقُلْت لَهُ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّك تَقُول إِنَّ الْحَسَنَة تُضَاعَف أَلْف أَلْف حَسَنَة قَالَ : وَمَا عَجَبك مِنْ ذَلِكَ لَقَدْ سَمِعْته مِنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول إِنَّ اللَّه يُضَاعِف الْحَسَنَة أَلْفَيْ أَلْف حَسَنَة هَذَا حَدِيث غَرِيب وَعَلِيّ بْن زَيْد بْن جُدْعَان عِنْده مَنَاكِير لَكِنْ رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ وَجْه آخَر فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو خَلَّاد سُلَيْمَان بْن خَلَّاد الْمُؤَدِّب حَدَّثَنَا يُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُقْبَة الرِّفَاعِيّ عَنْ زِيَاد الْجَصَّاص عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ : لَمْ يَكُنْ أَحَد أَكْثَر مُجَالَسَة لِأَبِي هُرَيْرَة مِنِّي فَقَدِمَ قَبْلِي حَاجًّا قَالَ : وَقَدِمْت بَعْده فَإِذَا أَهْل الْبَصْرَة يَأْثُرُونَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول إِنَّ اللَّه يُضَاعِف الْحَسَنَة أَلْف أَلْف حَسَنَة " فَقُلْت وَيْحَكُمْ وَاَللَّه مَا كَانَ أَحَد أَكْثَر مُجَالَسَة لِأَبِي هُرَيْرَة مِنِّي فَمَا سَمِعْت هَذَا الْحَدِيث قَالَ : فَتَحَمَّلْت أُرِيد أَنْ أَلْحَقَهُ فَوَجَدْته قَدْ اِنْطَلَقَ حَاجًّا فَانْطَلَقْت إِلَى الْحَجّ أَنْ أَلْقَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيث فَلَقِيته لِهَذَا فَقُلْت : يَا أَبَا هُرَيْرَة مَا حَدِيث سَمِعْت أَهْل الْبَصْرَة يَأْثُرُونَ عَنْك ؟ قَالَ مَا هُوَ ؟ قُلْت : زَعَمُوا أَنَّك تَقُول إِنَّ اللَّه يُضَاعِف الْحَسَنَة أَلْف أَلْف حَسَنَة قَالَ : يَا أَبَا عُثْمَان وَمَا تَعْجَب مِنْ ذَا وَاَللَّه يَقُول " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة " وَيَقُول " مَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَمِعْت رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول إِنَّ اللَّه يُضَاعِف الْحَسَنَة أَلْفَيْ أَلْف حَسَنَة " وَفِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن دِينَار عَنْ سَالِم عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الْخَطَّاب أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " مَنْ دَخَلَ سُوقًا مِنْ الْأَسْوَاق فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ لَهُ الْمُلْك وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ كَتَبَ اللَّه لَهُ أَلْف أَلْف حَسَنَة وَمَحَا عَنْهُ أَلْف أَلْف سَيِّئَة " الْحَدِيث وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن بَسَّام حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيل الْمُؤَدِّب عَنْ عِيسَى بْن الْمُسَيِّب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ " مَثَل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالهمْ فِي سَبِيل اللَّه كَمَثَلِ حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْع سَنَابِل " إِلَى آخِرهَا فَقَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبّ زِدْ أُمَّتِي فَنَزَلَتْ" مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة " قَالَ " رَبّ زِدْ أُمَّتِي " فَنَزَلَتْ " إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرهمْ بِغَيْرِ حِسَاب " وَرَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم أَيْضًا عَنْ كَعْب الْأَحْبَار أَنَّهُ جَاءَ رَجُل فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْت رَجُلًا يَقُول مَنْ قَرَأَ " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد" مَرَّة وَاحِدَة بَنَى اللَّه لَهُ عَشْرَة آلَاف أَلْف غَرْفَة مِنْ دُرّ وَيَاقُوت فِي الْجَنَّة أَفَأَصْدَقَ بِذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ أَوَعَجِبْت مِنْ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَعِشْرِينَ أَلْف أَلْف وَثَلَاثِينَ أَلْف أَلْف وَمَا يُحْصِي ذَلِكَ إِلَّا اللَّه ثُمَّ قَرَأَ " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِض اللَّه قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة " فَالْكَثِير مِنْ اللَّه لَا يُحْصَى وَقَوْله " وَاَللَّه يَقْبِض وَيَبْسُط " أَيْ أَنْفَقُوا وَلَا تُبَالُوا فَاَللَّه هُوَ الرَّزَّاق يُضَيِّق عَلَى مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده فِي الرِّزْق وَيُوَسِّعهُ عَلَى آخَرِينَ لَهُ الْحِكْمَة الْبَالِغَة فِي ذَلِكَ " وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية

    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية : هذا الكتاب من أعظم كتب الإمام المجاهد شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية - رحمه الله -، قد رد فيه على شبه الرافضة، وبين فيه بطلان مذهبهم، وشباب الاسلام اليوم بأمس الحاجة إلى قراءة هذا الكتاب، ومعرفة محتواه؛ حيث أطل الرفض على كل بلد من بلاد الإسلام، وغيرها بوجهه الكريه، وكشر عن أنيابه الكالحة، وألقى حبائله أمام من لا يعرف حقيقته، مظهرا غير مبطن ديدن كل منافق مفسد ختال؛ فاغتر به من يجهل حقيقته، ممن لم يقرأ مثل هذا الكتاب.

    المدقق/المراجع: محمد رشاد سالم

    الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/272828

    التحميل:

  • قول الصحابي في التفسير الأندلسي حتى القرن السادس

    قول الصحابي في التفسير الأندلسي حتى القرن السادس: قُدِّم هذا البحث للمشاركة به في: الندوة العلمية الدولية التي تُنظِّمها شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية - بتطوان المغرب، جامعة عبد المالك السعدي، وموضوعها: الدراسات الحديثية في الغرب الإسلامي من القرن الثاني إلى السادس الهجري، بتاريخ: (23: 25 شعبان 1420 - 1: 3 ديسمبر 1999 م). وقد عرَّف المصنف - حفظه الله - الصحابي وبيَّن عدالة الصحابة، وموقف العلماء من قول الصحابي وتفسيره للقرآن، في مباحث أخرى مهمة

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364161

    التحميل:

  • الأسهم المختلطة في ميزان الشريعة

    الأسهم المختلطة في ميزان الشريعة : أسهم الشركات التي أنشئت لغرض مباح وتتعامل بالمحرم أحياناً. - قدم له: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - حفظه الله -. - قرأه: نخبة من أهل العلماء، منهم فضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/166814

    التحميل:

  • أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق

    أسئلة قادت شباب الشيعة إلى الحق : رسالة مختصرة تحتوي على بعض الأسئلة والإلزامات الموجهة إلى شباب طائفة الشيعة الاثني عشرية لعلها تساهم في رد العقلاء منهم إلى الحق؛ إذا ما تفكروا في هذه الأسئلة والإلزامات التي لا مجال لدفعها والتخلص منها إلا بلزوم دعوة الكتاب والسنة الخالية من مثل هذه التناقضات.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/69249

    التحميل:

  • إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد

    إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد : يعتبر كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من عُمَدِ كتب الاعتقاد في باب توحيد الإلهية في عصره وما بعده إلى عصرنا الحديث, حيث لقي رواجاً وقبولاً كبيراً, وانتفع به مالا يحصيه إلا الله كثرة في العالم أجمع, ومازال العلماء له شارحين ومبينين ومعلمين. وقد كان من بين أفضل شروحه, شرح حفيد المؤلف سليمان بن عبد الله له, إلا إنه لم يتم في كتابه الشهير بـ "تيسير العزيز الحميد " وفي هذا الكتاب الذي بين أيدينا "إبطال التنديد" قام المؤلف - يرحمه الله - بالتعليق على كتاب التوحيد, مكثراً في نقولاته, وعزوه من شرح حفيد المؤلف المذكور قريباً، مع بعض الزيادات. وقد انتهى الشيخ حمد بن عتيق من تأليف هذا الكتاب في اليوم السابع من شهر شوال سنة 1255هـ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/291873

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة