Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 9

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) (الأعراف) mp3
يَقُول تَعَالَى " وَالْوَزْن" أَيْ لِلْأَعْمَالِ يَوْم الْقِيَامَة " الْحَقّ " أَيْ لَا يَظْلِم تَعَالَى أَحَدًا كَقَوْلِهِ " وَنَضَع الْمَوَازِين الْقِسْط لِيَوْمِ الْقِيَامَة فَلَا تُظْلَم نَفْس شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " وَقَالَ تَعَالَى" إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْه أَجْرًا عَظِيمًا " وَقَالَ تَعَالَى " فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه فَهُوَ فِي عِيشَة رَاضِيَة وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه فَأُمّه هَاوِيَة وَمَا أَدْرَاك مَا هِيَهْ نَار حَامِيَة " . وَقَالَ تَعَالَى " فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينه فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسهمْ فِي جَهَنَّم خَالِدُونَ " . " فَصْل" وَاَلَّذِي يُوضَع فِي الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة قِيلَ الْأَعْمَال وَإِنْ كَانَتْ أَعْرَاضًا إِلَّا أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَقْلِبهَا يَوْم الْقِيَامَة أَجْسَامًا قَالَ الْبَغَوِيّ يُرْوَى نَحْو هَذَا عَنْ اِبْن عَبَّاس كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيح مِنْ أَنَّ الْبَقَرَة وَآل عِمْرَان يَأْتِيَانِ يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَابَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْر صَوَافّ . وَمِنْ ذَلِكَ فِي الصَّحِيح قِصَّة الْقُرْآن وَإِنَّهُ يَأْتِي صَاحِبه فِي صُورَة شَابّ شَاحِب اللَّوْن فَيَقُول مَنْ أَنْتَ فَيَقُول أَنَا الْقُرْآن الَّذِي أَسْهَرْت لَيْلك وَأَظْمَأْت نَهَارك . وَفِي حَدِيث الْبَرَاء فِي قِصَّة سُؤَال الْقَبْر " فَيَأْتِي الْمُؤْمِن شَابّ حَسَن اللَّوْن طَيِّب الرِّيح فَيَقُول مَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُول أَنَا عَمَلك الصَّالِح" وَذُكِرَ عَكْسه فِي شَأْن الْكَافِر وَالْمُنَافِق وَقِيلَ يُوزَن كِتَاب الْأَعْمَال كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الْبِطَاقَة فِي الرَّجُل الَّذِي يُؤْتَى بِهِ وَيُوضَع لَهُ فِي كِفَّة تِسْعَة وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلّ سِجِلّ مَدّ الْبَصَر ثُمَّ يُؤْتَى بِتِلْكَ الْبِطَاقَة فِيهَا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه فَيَقُول يَا رَبّ وَمَا هَذِهِ الْبِطَاقَة مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّات ؟ فَيَقُول اللَّه تَعَالَى إِنَّك لَا تُظْلَم. فَتُوضَع تِلْكَ الْبِطَاقَة فِي كِفَّة الْمِيزَان قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَطَاشَتْ السِّجِلَّات وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَة " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا وَصَحَّحَهُ وَقِيلَ يُوزَن صَاحِب الْعَمَل كَمَا فِي الْحَدِيث " يُؤْتَى يَوْم الْقِيَامَة بِالرَّجُلِ السَّمِين فَلَا يَزِن عِنْد اللَّه جَنَاح بَعُوضَة " ثُمَّ قَرَأَ " فَلَا نُقِيم لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَزْنًا" وَفِي مَنَاقِب عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَتَعْجَبُونَ مِنْ دِقَّة سَاقَيْهِ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا فِي الْمِيزَان أَثْقَل مِنْ أُحُد" وَقَدْ يُمْكِن الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْآثَار بِأَنْ يَكُون ذَلِكَ كُلّه صَحِيحًا فَتَارَة تُوزَن الْأَعْمَال وَتَارَة تُوزَن مَحَالّهَا وَتَارَة يُوزَن فَاعِلهَا وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أمراض القلوب وشفاؤها

    في هذه الرسالة بيان بعض أمراض القلوب وشفاؤها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209148

    التحميل:

  • محاضرات في الإيمان بالملائكة عليهم السلام

    محاضرات في الإيمان بالملائكة عليهم السلام: قال المؤلف: «فهذه محاضرات كنت قد ألقيتها في طلاب السنة الثالثة بكليات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في سنوات متكررة، حتى اجتمع لها طلاب كلية الحديث في عام 1416 هـ»، وقد أضاف لها بعض المباحث من كتابه: «خلْق الملائكة».

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/332500

    التحميل:

  • دراسة لقول الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}

    دراسة لقول الله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}: هذه الدراسة في تدبر هذه الآية الكريمة وسبر فقه معانيها، وهي في أربعة مباحث: المبحث الأول: علاقة الآية بسياقها. المبحث الثاني: معاني ألفاظ الآية. المبحث الثالث: دلالات التراكيب في الآية. المبحث الرابع: معنى الآية والأقوال فيه.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/332499

    التحميل:

  • أصول الحوار وآدابه في الإسلام

    هذه كلمات في أدب الحوار مُشتمِلَةٌ العناصر التالية: تعريف الحوار وغايته، ثم تمهيد في وقوع الخلاف في الرأي بين الناس، ثم بيان لمُجمل أصول الحوار ومبادئه، ثم بسط لآدابه وأخلاقياته.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337800

    التحميل:

  • معالم في أوقات الفتن والنوازل

    معالم في أوقات الفتن والنوازل : إن من أعظم الأمور التي تسبب التصدع والتفرق في المجتمع ما يحصل عند حلول النوازل وحدوث الفتن من القيل والقال الذي يغذى بلبن التسرع والجهل والخلو من الدليل الصحيح والنظر السليم. ويضاف إلى هذا أن من طبيعة الإنسان الضعف الجبلي فيما ينتابه من الضيق والقلق والغضب والتسرع ويتأكد ذلك الضرر ويزيد أثره الضعف الشرعي علما وعملا، وبخاصة عند التباس الأمور في الفتن والنوازل، لما كان الأمر كذلك كان من اللازم على المسلم أن يتفطن لنفسه وان يحذر من تلويث نفسه فيما قد يجر عليه من البلاء ما لا تحمد عقباه في دنياه وآخرته،فضلا عن ضرره المتعدي لغيره، وإن كان ذلك كذلك، فيذكر هاهنا معالم تضيء للعبد طريقه في أوقات الفتن، مستقاة من النصوص،وكلام أهل العلم،علها أن تكون دلائل خير في غياهب الفتن.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/4563

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة